English site www.aliamamdouh.com
أزمة فكرية
كفى الزعبي (*)
انتقلت الأحزاب الشيوعية العربية إلى الرفيق الأعلى ما إن انهار الاتحاد السوفياتي. أمّا فتات هذه الأحزاب من شيوعيّين عرب، فقد ورثوا أسوأ ما في هذه التجربة: أزمتها الفكرية التي أخذت تتجلّى بوضوح منذ بداية هذا القرن إبّان احتلال العراق وظهور «شيوعيّين أميركيّي الهوى». ثم تجلّت هذه الأزمة أكثر مع بداية «الربيع» العربي بظهور شيوعيّين
مؤيّدين لهذا «الربيع» على اعتبار أنه ثورة! وها هو بوتين الآن يستفزّ مشاعرهم التي تبدو لي في جوهرها ذات طابع قبلي (ولاء قبلي لرموز الحركة الشيوعية العالمية)، حينما انتقد لينين!
لقد أعلن بوتين مراراً وتكراراً أنّه ليس شيوعياً. إنه قومي روسي يدافع عن مصالح وطنه القومية الإستراتيجية التي تتناقض مع مصالح الغرب. الغرب لا يريد روسيا دولة قوية، وإن كانت تنتهج النمط الرأسمالي في الإنتاج، خصوصاً أنّ البنية الثقافية لهذه الدولة تتناقض جوهرياً مع البنية الثقافية الغربية. لقد سعوا لتدمير روسيا حتى في عهد يلتسين الذي سلّمهم كل شيء.
رغم الطبيعة القومية الرجعية لهذا النظام، نجاح روسيا في تعديل ميزان القوى العالمي يمكن أن يمثّل متنفّساً لبلدان الجنوب (غسان بن خليفة)
لكن الشيوعيّين العرب (سواء كانوا أميركيّي أو لينينيّي الهوى) يغضّون الآن النظر عن أنّ سياسات بوتين الخارجية تتقاطع مع المصالح القومية الإستراتيجية للعرب: لنا!
أنا شخصياً لا يهمّني الآن عمّال العالم ومن ضمنهم عامل إسرائيلي يحتلّ أرض فلسطين ويُصارع الرأسمالية (ولا سيّما أنّه في واقع الحال لا يصارعها، بل يصارع العامل الفلسطيني).
(*) كاتبة أردنية